Sunday, July 26, 2009

امرأة صعيدية


الصدفة وحدها هي من دفعتني للحديث عنها مرتين بالأمس

صباحا وأنا أحاول مشاركة صديقة في ما تراه مشكلة

ومساء وأنا أحاول حل مشكلة أختي مع ابنتها

..

لم أدرك بوضوح مدى قدرة أمي ونجاحها في التعامل معنا نحن "الست بنات" سوى بالأمس , أمي استطاعت أن تدير ستة معارك مع ست بنات مررن بمرحلة المراهقة والبلوغ والارتباطات العاطفية والارتباطات الرسمية .. ولا زالت حتى اليوم قادرة على مساندتنا في معاركنا التي نخوضها في بيوتنا

أمي ليس إمرأة خارقة

هي صعيدية لا تعرف عن الحياة أبعد من حدود بيتها رغم أنها عبرت حدود مصر وعاشت في الغربة سنوات طويلة ولم تعرف طريق العودة إلى قريتها من يومها إذ وجدت نفسها مضطرة للاستقرار في مصر (عشانا).

هي لا تعرف القراءة ولا الكتابة ولم تعرف عن طرق التربية إلا ما ورثته من أمثلة شعبية "صعيدية" يرى الكثيرون أنها تهضم المرأة حقها وتجعلها مجرد عار يجب مدارته,, لا أنكر أنها كانت تشعر بذلك من وقت لآخر .. رددت ملايين المرات أفكارها حول عود الكبريت والمشي العدل وحيرة "العدو" ,, لكن ذلك لم يقف في وجه محاولتها المستميتة مجاراة الحياة التي نعيشها والتي طالما رددت بينها وبين نفسها سؤالا لم تقو على إجابته مرة .. "كيف أحكم تصرفاتهن في عالم لا أعرف عنه شيئا وغير قادرة على قراءة ملامحه حتى من على بعد لأتمكن من فهمه وفهمهن؟".

ابدو أنا بعالمي المليء بتفاصيل كثيرة عصية على الفهم الأكثر إثارة لأسئلتها.. لم تكن ترى سببا وجيها لتأخري حتى الحادية عشر مساء لمجرد حضور ندوة يصطف فيها عدد من المتحدثين بلغة لن تفهمها طالما لن يدخل ذلك في إطار العمل ,, ولم تكن ترى جدوى من استمراري في حضور لقاءات أدبية أسبوعيا طالما لا تجد مردودا واضحا من ذلك سوى سعادتي التي لم تكن تفهم مصدرها.

وفي محاولة أعتقد أنها كانت ناجحة مني لتقريبها من عالمي حرصت على مشاركتها في تفاصيله الانسانية القريبة مني ,, أدخل إلى المنزل تقابلني بالموشح اليومي كما كانت تسميه وتسأل بتكشيرة عن أسباب تأخري التي تعرف مسبقا أنها لن تقنعها.. معبرة عن مخاوفها من كل ما هو خارج الباب من الاذى المتوقع في أي لحظة, سواء أذى جسدي أو نفسي أو حتى أذى لسمعتي التي ربما يشوبها شائبة من معرفة الناس أني أعود للبيت متأخرة.

انتظر لتفرغ كل ما في جعبتها ... اقترب منها وابدأ في سرد ما حدث في كل مرة بطريقة مثيرة لاستماعها قد يكون بخبر مفرح / أو مزعج / أو مدهش ... يخصني أو يخص غيري .. تنسى التكشيرة وتتفاعل ببساطة مع الاحداث التي أحكيها..

ربما في احيانا أخرى لم تكن شيئا ليصد غضبها سوى اللجوء للسرير والنوم .. صباحا تنسى الليلة الماضية وتسألني إذا ما كنت ارغب في باذنجان مقلي للإفطار...

تعرف جيدا متى تشد الخيط ومتى ترخيه وتعرف جيدا كيف تتصرف في موقف لا ترغب في أن يعرف عنه أبي شيئا وما أكثر المواقف التي تمر بأم لست بنات..

رغم طيبتها التي تعلو بسمتها إلا أنها "دوغري وجد" "وتقول الحق" كما تحب أن تصف نفسها ,,مع أنه في كثير من الأحيان يكون وجهة نظرها لكنها تراها دوما حقا وتثبت عليه حتى تتمكن من ترويض الأدمغة الصعيدية التي تعاشرها.

أنا هنا أكتب عنها وأعرف أنها لن تعرف شئيا عن كلماتي هذه مع أنها تعرف جيدا رأيي في طريقتها في التعامل معنا .. لم يفتنا أن نذكر ذلك أمامها خصوصا مؤخرا... ربما خوفا من أن يراودها احساس بأنها لم تنجح في ذلك ولو بقدر بسيط ...

أكتب هنا لأني أحب أن "أقول الحق" وأن افسح لها مجالا تمرح فيه... لأتفاخر بها أمام الجميع.

3 comments:

محمد العدوي said...

وانا اقرا .. مكنش في ذهني هدى التي تكتب .. ولا هدى الفتاة التي اعرفها ..


كان في ذهني صورة تانية .. صنعتها لي العبارات ..


حسيت اني اقرأ لابنتي ..

او السعادة التي مستني كانت كأني اقرا لابنتي ..

قد يبدو غيربا .. بس اظن دي ادق عبارة تصف لك ما وجدت ..


عارفة .. الكتابة اللي بتقرب مننا قوي .. عادي تخرج بلغة تانية غير اللغة التي نحترفها في الكتابة

تخرج اصفى
واهدأ
وأجمل .

لك . ولامك ..

الف تحية يا صديقتي

نهر الحب said...

جميلة اوي فعلا

تسلم ايديكي

ربنا يخليها لك يا رب
:)

هدى said...

العدوي

تعليقك أضاف للتدوينة بريق جديد

أنا فعلا وأنا بكتب ماكنتش بستحضر الحروف قد ما كنت باستحضر الاحساس .. يمكن عشان كدا ظهر قوي

شكرا لمرورك هنا ...كان فارقا

..

ست البنات

إن شاء الله تسلميلي