Wednesday, June 29, 2011



لم أعد متأكدة، أصبح الجزم بالحقيقة أمر مربك لحساباتي العقلية.. كل الأشياء تحمل بداخلها فتيل قادر على تفجيرها في وجهي بمجرد محاولتي القطع فيها. 
وكأن الخيار الوحيد المتاح، هو الإحتمال 

تحولت كلمة "تقريبا" إجابتي الحاضرة الوحيدة حتى على الأسئلة التي تبدو ظاهريا غير قابله للإحتمالات.


* الصورة للفنان دان بيك 

Monday, June 27, 2011

ألعاب

 تبدو جملة عبد الباسط حمودة التقريرية التي يستهلها بالتأكيد على ذاته "أنا أنا أنا أنا أنا" حقيقية جدا هذه اللحظة، فأنا أقاسمه -وأعلم أني لست وحدي في ذك- صدمته الطفولية في صورته التي لم يتعرف إليها في المرآة

في الصباح ابتسم عندما ألمح إنعكاس صورتي، للخاطر الذي لا ينسى يوما المرور بعقلي في نفس اللحظة، 

من هذه؟

يتراوح السؤال بين الاستنكار والدهشة والاستحقار وأحيانا قليلة برغبة في التعرف!

لا أفضل الوقوف أمام المرآة في الغالب، أستهلك وقتا كبيرا في النظر إلى تفاصيل الصورة وأنا أستعد للنزول، لكنها نظرة لتفحص الناوقص في الشكل الذي أصر دوما على أن يعكس مزاجي، أحرص على أن أبدو كا أريد أن يراني الناس، أن أحافظ على خصوصيتي بتصدير ما أراه وقتها مناسب، الحقيقة في كل مرة اعيد اكتشاف ان حيلتي لا تفلح لكنها أصبحت عادة، لا يمكن التخلص منها.

الآن أشعر أن كل ما هو بالداخل وبالخارج ما أراه وما يراه الناس ما أشعر به وما يشعر به الآخرين مني وعني، جميعه بكل تفاصيله وتناقضاته بقربه وبعده بسيئه وحسنه جميعه جميعه، ليس أنا بأي صورة.

أشعر أني لست أنا، تبدو الجملة بعد كتابتها شاعرية أو ربما مجازية، لكني أشعر بها حقيقة أمامي، أشعر وكأني أتجول في شوارع وسط البلد، حيث الفتارين هي مشاهد من حياتي منذ وعيي بذاتي وحتى اليوم، كلما لمحت فاترينة بألوان تفتح باب الذاكرة على مصرعيه، أجري لأقف وأخبر نفسي أني هذه الفتاة، لكن الوقت مروره الواثق وإصراره المستمر على مضايقتي، يفتح الباب لذلك الإحساس الذي يقلب الألفة إلى وحشة فتبدو الفتاة غريبة عني تمام!

تجذبني المرآة الواثقة هناك من وقفتها، أؤكد لنفسي أني هنا بالتأكيد، لكن الكثير الكثير من الحقائق التي تنشق عنها الأرض تخبرني أني أبعد ما يكون عنها.

أحيانا أشعر أن الأمر تحول للعبة مسلية، ربما تكون قاعدتها الحذف، كل ما ليس مني فهو محذوف ومنفي بالضرروة، كلما زادت القائمة تنتابني رجفة من فكرة ألا أكون أصلا!

أذكر نفسي بضرورة ألا أحولها إلى لعبة "استغماية"، تلك اللعبة التي اتقنها حتى تحولت إلى طبيعة، أتقن الإتفاء قبل العدة الثالثة، لدرجة أني أنسى أني مختباة، أتذكر ذلك لحظة اكتشاف مخبأي، لأندمج قليلا في الحياة ثم أسرع للاختباء مع أول محاولة للعد.

Tuesday, June 7, 2011

سكر بنات

كلما شاهدت فيلم سكر بنات، كلما راودتني نفس الامنية، لو أنها تركت موسيقى خالد مزنر تحملنا مع صورتها المميزة دون الحوار  والتمثيل المتواضع من الممثلين وعلى رأسهم مخرجة الفيلم التي قامت بدور البطولة فيه.

نادين لبكي مخرجة مميزة، تعرف كيف تعكس الواقع بإشراقة تنتمي لعالم الأحلام، فيبدو جالبا للسعادة رغم قسوة الرسائل التي ينقلها إلينا، تملك حسا مرهفا للتفاصيل التي تحرص على إبرازها في كاردها المنسق بعناية شدية فيظهر جميلا ومحملا بالمعاني. لهذا أعتقد أنها أحدثت فرقا ملموسا في مجال الأغاني المصورة "الفديو كليب" مع مجموعة الأغنيات التي أخرجتها لنانسي عجرم، حيث تقارب فيها بين فيلم روائي قصير على خلفية غنائية، أغنت حينها خفة حضور نانسي عن ثقل أدائها التمثيلي، عوضا عن أن المرجو من الكليب صورة تناسب الغناء وليس التمثيل.

لكن المشكلة بدت واضحة في فيلم طويل، استثمرت فيه الصورة المختلفة وشخصياتها المنتقاة بعناية من إحدى شوارع بيروت والذي يمكن أن يكون شارعا في اي مدينة عربية أخرى، مشكلة تقديم عمق آخر للصورة بحوار وتمثيل قادر على أن يحكم حبكة الفيلم.

كل مرة أتجنب مشاهدة المشهد الرئيسي في الفيلم، عندما يتخلف عن موعده معها في الفندق سيء السمعة الذي انتظرته فيه احتفالا بعيد ميلاده، المشهد يعد الركيزة الأساسية للفيلم إذ تواجه الشخصيات الأربع في الفيلم خوفها/مشكلتها وتكشفها في محاولة لإنهاءها، فالآداء التمثيلي يقف حاجزا دون تعاطف يقتضيه الحال، يقف دون أن أترك نفسي لأجاورها على السرير سامحة للدموع أن تنسكب وآخذ دوري في الكشف/التطهر. 

ربما لهذا، عندما ألمح الفيلم على قناة تلفزيونية أمر به مرورا يسمح لي بتذكر ما أحب فيه، وأن أترك لخيالي المساحة كي أرمم الفيلم بما يجعله محتفظا في داخلي بانبهاري الأول به.


Wednesday, June 1, 2011

كشف

أراني ممدة فوق سرير في غرفة لا يكسر ظلمتها سوى مصباح مدلى من سقفها بإضاءة باهتة، تقترب شياطين لا يخفي قبحها معاطفهم البيضاء، أغمض عيني بشدة حتى لا أستمر في لعبة تمثل مشهد الكشف عن عذرية الفتيات المقبوض عليهن من قبل الشرطة العسكرية، لكن الصورة تظل تراودني كلما لمحت الكلمة تمر أمام عيني.

لا أدري كيف جاءتهم الفكرة ولماذا نفذوها، ماعلاقة العذرية بالحرية؟ وماعلاقة الوطن بغشاء البكارة؟؟

ربما تكون طريقة مغلفة للانتهاك الجسدي للفتيات لتخويفهن من الاستمرار في الاشتراك في اللعبة، لافتة بخط أحمر عريض كالتي توضع عند صناديق الكهرباء "اللعب هنا خطر"!
لكنها تكشف عن حماقة وغباء لا يمكن التجاوز عنهما، كما أنها تكسر الحائط الأخير للأمان الذي بدا يوم 11 فبراير أنه الملاذ الأخير. ليس فقط على المستوى السياسي ولكن على مستوى التعامل اليومي، فقد تجسد لنا رجل القوات المسلحة منقذا مقارنة برجل الشرطة الذي يعاني عقدا نفسية متوارثة تمنعه من التعامل بشكل آدمي، لنكتشف أن أمرا ما يخص الزي العسكري يجعل التعامل الإنساني أمرا غير وارد.

لست هنا بصدد تعميم، لكن الفكرة أحدثت شرخا عميقا في الصورة التي بدت مضيئة منذ شهور، شرخ يعود إلى منظومة التعامل بين العسكري المسلح والمواطن الذي لا يملك سوى صرخة، لا تغني عن كشف ولا محاكمة عسكرية.