Friday, January 27, 2012

27 يناير 2011

كان يوم 27 تحضيري أكثر منه تفاعلي مع الحدث، كنا نحاول أن نعرف من من القوى السياسية قرر أن ينزل، كنا نتعلم كيف سنتصرف أثناء ضرب الغاز، التعليمات التي بدأت تنتشر عن حل الخل والبصل والكوكاكولا التي تغسل بها العين.
كنت أشعر يومها بشعوري طفلة بليلة العيد، مرتبكة أحاول أن أجهز ما سأرتديه، وما سنأخذه معنا دون حمولة تعيق الجري، لم أخبر أحدا من أهلي، كان الأصدقاء جميعا في نفس الحالة، قررنا أن نلتقي في وسط البلد، كنا أنا وزوجي وحسام عبد اللطيف وأحمد الحضري وأحمد عبيد ودينا الحصي، كنا تأكدنا أنها ثورة، تحدثنا عن احتماليات ما سيحدث لو خرج الناس حقا في جمعة الغضب ماذا ستكون ردة فعل النظام، توقعنا أن الشرطة ستفشل في التعامل مع المتظاهرين مما سيستدعي نزول الجيش، وكانت "حسبتنا" أن الجيش لن يطلق النار على الناس، إلا وحدات بعينها شتضرب مجموعة ليرتدع الباقي.
حاولنا الدخول على الانترنت من هواتفنا المححمولة لكن لم نتمكن، فاكتشفنا أنه تم قطع النت نهائيا، وتوقعنا قطع الاتصالات في اليوم التالي لذا حرصنا على أن نتفق على مكان وزمان اللقاء بالتحديد.
المضحك أن القهوة التي جلسنا عليها غالطتنا بشكل مثير للريبة في حساب المشروبات، دفعنا ونحن نردد أننا سنأتي غدا لنتظاهر أمامها وسنردعه على ما فعله معنا، تحركنا في الشوارع التي كانت تمتليء بسيارات الأمن المركزي، ومجموعات من الشباب تتحرك وهي تردد "لا إله إلا الله"، كان الجنود مكدسين في السيارات الزيتي الكئيبة ينظرون لنا بتوجس، وننظر لهم شزرا.
التقينا في الشارع بمحمد طلبة، وكان لابد أن نفترق، هنا نظر أحمد الحضري إلى وجوهنا وقال: "بكرة هيبقى بجد، لازم نبقى عارفين ده قبل ما ننزل عشان كل واحد ياخد قراره"، لوهلة ساد الصمت بينا، ثم تناوبت التعليقات بين الجد والهزل، لكن الفكرة خلقت تصميما جديدا للمضي في الثورة.
أنزلنا أحمد عبيد في المريوطية في شارع الهرم وكان لابد أن نرجعنقطع مسافة في شارع الهرم كي نصل بيوتنا أنا ووليد ودينا، في الشارع كانت الحالة غريبة جدا، سيارات الأمن المركزي منتشرة بطريقة مثيرة للريبة، متكتلة عند الطالبية وجامع السلام بعدها بشوارع، علق سائق الميكروباص: "أهو المظاهرات بقى وتكسير العربيات"، لم نحاول أن نعلق ونتحدث عن السلمية اكتفينا بـ "حسبي الله ونعم الوكيل"، كانت ليلة غريبة لا أدري كيف نمت لكني فعلت حقا، لتوقظني شمس الثامن والعشرين من يناير، لأشهد جمعة الغضب. 

Thursday, January 26, 2012

26 يناير 2011


في فجر السادس والعشرين من يناير الماضي، كنت أنا وزوجي نقطع شارع الهرم في محاولة لإيقاف تاكسي كي يأخذنا إلى المنزل، كان وليد عائدا من الميدان بعد أن قضى معظم ساعات الليل في أحدى شقق ميدان التحرير التي فتحت ابوابها للثوار الذين احتموا بالعمارة من بطش الأمن المركزي ولم يستطيعوا النزول إلا مع آذان الفجر، كنت أبيت ليلتها مع صديقتي في فيصل، مر علي وتحركنا سويا، مع دخولنا البيت بدأ يحكي عن شعوره الذي لم يتخبره من قبل الغضب والإهانة، صليت الفجر ودعوت أن يمن الله علينا بثورة مكتملة تعيد كرامتنا ونمنا، استيقظنا متأخرين تقريبا بعد آذان الضهر، كانت السويس قد زاد اشتعالها وتجمهر أهلها أمام المشرحة احتجاجا على سقوط أول شهيد في الثورة.
الشباب على الفيس بوك كان يتحدث عن مسيرات تجوب الشوارع، اتصلنا بأصدقاءنا، واتفق وليد معهم على أن يلتقوا في وسط البلد، طلب مني ألا أنزل في ذلك اليوم لأنه لا يأمن العواقب.
كان قد تم حظر الفيس بوك، لكن شباب الثورة كانوا قد جهزوا طريقة اختراق الحظر قبلها بعدة أيام تبادلنا البروكسي الجديد من خلال الإيميلات ودخلنا الفيس بوك، يومها كنت عند أختي ومعنا أمي، سألوا عما يحدث أجبتهم أنها ثورة، لم أخبرهم أني شاركت بالأمس وطبعا لم أخبرهم أن زوجي الآن هناك، حاولت أن أنقل لهم صورة متفائلة، لكن خوفهم من الموت والدماء كان أقوى، حتى أن أختي خشت على طفلها ذي الأربع سنوات، عندما رأتني أسجل له فيديو يردد فيه خلفي "الشعب يريد إسقاط النظام".
وليد كان يتابعني على التلفون، يتصل يخبرني بتحرك المسيرات التي كان يتم تفريقها وتعاود التجمع في شوارع وسط البلد المختلفة، كنت أنقل عنه على صفحتي على الفيس بوك تحت شعار "شاهد عيان"، كنت أشعر ليلتها بغليان البركان وبدأنا تداول صور الدعوات لجمعة الغضب.

Tuesday, January 10, 2012

هواجس

أرغب في التخلص من الحكي الذي يلطخ كتابتي يلطخ حياتي 
 
أرغب في التخلص من الصوت اللعين الذي يتحدث دوما في عقلي عن أشياء لم أرها من قبل لكنها تبدو أصدق من الحقيقة، ذلك الصوت الذي يعقد مقارنة دائما بين ما هو كائن وما يجب أن يكون.. ويتركني معلقة في حبل سؤال لا إجابة له.
 
أرغب في أن افك أسر قلبي من تعلقه غير الإنساني بكل ما هو إنساني 

****

أستعين على الحياة بالنظرية.. 
أبني نظريات ثم أهدها وكأني ألعب فوق شاطيء أحاول أن ألصق الفشل في النظرية متجنبة القول بفشلي لا لسبب سوى أني أحاول التخلص من عادتي اليومية في جلد ذاتي.
 
أنا أحاول التخلص من بقايا البنت الحالمة التي لا تزال متعلقة بطرف ثوبي تلك التي كانت تخطو في الحياة بعنجهية الفاعل دون أن تلحظ أنها مفعول بها
 
الوقت الذي أسرفه في التفكير في طريقة عيش الحياة والاندهاش من الهوة بين ما هو في رأسي من اوهام عنها وما هي عليه بالفعل لا يترك لي الوقت كي أعيشها حقا، وهو ما يقذف في قلبي الخوف الخوف الأزلي الذي يوقطني بالليل أواجه نفسي الهائمة في الملكوت بسؤال واحد: هل اعيش الحياة كما أريدها أن أنها تتسرب من بين يدي دون أن أشبع منها؟ 
 
اعتقال لحظة هاربة يبدو ذلك الحلم الوحيد الذي أحيا لأجله