Saturday, December 24, 2011

الأمن والدماء

اتساءل وأنا أحاول ألا أبدو متجنية على الدين الذي يتحدث عنه رجال عرفناهم أهل دين، هل يوافق الدين على قتل الناس وسحلهم في الشوارع هل يوافق الدين على تعرية النساء وهتك اعراضهن؟ تأتيني الإجابة من الشيخ صبري مسعود الذي أثق في رأيه وأعرف أنه لن يجانب الحق إرضاء لميل أو هوى
اشتكيت له قلة حيلتي قائلة:
أنا بحاول اتكلم معاك يمكن تقولي كلمة تشفي غليلي خصوصا ان معظم من يتكلمون باسم الدين دلوقتي بيتكلموا بطريقة مافيهاش انسانية، واللي اقدر اقول على قلة علمي إنه مش من الدين اللي أنا اعرفه
فرد علي بحسم:
يا هدى ماينفعش نسيب اي حد يتكلم ونقول ان ده الدين
اللي حصل لايمت للدين بصلة
دي جريمة على مستوى الدين والوطن والإنسانية
فكرت أن معنى الإنسانية سقط بدافع خوف تم إطلاق كلابه علينا في ليلة الثامن والعشرين من يناير، خوف جعل قبول الإستبداد والقتل والسحل أمرا هينا في سبيل وعود بالأمن في المستقبل.
لا أجد أن ذلك غير منطقي، الإنسان في الغالب كما يقول نعوم تشومسكي يميل إلى تصديق أن الغد سيكون أفضل، لكن في دولة كمصر عانت من نظام بوليسي قهر المواطن العادي على مدى عشر سنوات يقوى على مقاومة هؤلاء البلطجية ذاتهم (الرسميين وغير الرسميين) من قبل، المواطن العادي الذي يخشى اليوم من جموع تتحرك حاملة صوتها سلاح، أكثر مما يخشى من مدرعات تدهس البشر وسلاح يسحل ويعري البنات، ماهو المنطق الذي بناه هؤلاء في عقولهم فجعلهم يصدقون وعود الأمان للدرجة التي تنكر الواقع؟
متى تم استلال الإنسانية من مفاهيم هؤلاء فبات الحديث عن الكرامة والحرية والعدالة، من ضروب الخيال لا تصلح كإجابات لإسئلة يصدرونها في مواجهة صور الدم: "إيه اللي وداهم هناك؟"، مفاهيم حتى من يلبسون أنفسهم رداءها بدأوا يطالبون بإسقاطها تحت المسمى الأكثر سطوة هذه الأيام وهو الإستقرار والأمن.. وكأن لسان حالهم يقول: ملعونة الحرية اللي جاية في ديل الخوف.
الغريب أنهم يتكأون على الدين في ما يروجون له من منطق ولا أدري كيف صار الدين –فجأة- مناهضا للإنسانية، كيف أصبح دم المرء مستباحا وتساق الآيات التي تدلل على استباحته، كيف أصبح عرض المرأة منتهكا، دون أن نلتفت إلى الآيات التي تحرم الخوض في أعراض النساء؟
أصبحت الإهانة إهانتين الآن إهانة الإنسان وإهانة الدين والإفتراء عليه.. سيظهر لي من يقول أني لا أعرف من الدين ما يعرفون وأن ما يقولونه مكتوب في الكتب التي قضوا أعمارهم يقرأونها ويتفحصون سطورها.. أقول لهؤلاء في حالة دفاعية استباقية عن نفسي.. أعرف ربي الذي كرم الإنسان ورفع قدره والذي صان المرأة وأجلها وحرم المساس بها ولو بكلمة.. أعرف إيماني العميق الذي يقضي بأن الله لا يرضيه منظر الدماء في الشارع ولا يرضى عمن يرضيهم ذلك.

No comments: