Wednesday, February 17, 2010

رجلي وفوضاها


كنت قد أدركت تلك الحقيقة منذ مدة, لكن إحساسي بها اليوم أضاف قدرا لا بأس به من النشوة على روحي, مع استعادتي لبعض من فوضاها, تلك الحالة التي أخذتني إلى الأيام التي خلقت لي سطور الرواية فيها خطوطا بيانية ترسم بدقة تفاصيل حياتي, تجبرني على أن أسلك طرقا بعينها لأقع بين إحداثيات من صنع جملتين ربما تكون أحلام قد كتبتهم من قبيل المصادفة.

ابتسمت لأن الرواية لازلت تملك ذلك السحر القادر على تشكيل ملامح حياتي, وربما وضع نقاط كبيرة أتوقف عندها كثيرا, فأقف مذهولة أمام حقيقة أنها أهدتني إلى الرجل الذي وقعت في غرامه منذ أول تعريف به "أراد أن يختبر بها الإخلاص".

قلت له منذ شهور "استغرب انزعاجي من صمتك, رغم أنه سر افتتاني بك", فـ"هو الذي يعرف كيف يلامس أنثى. تماما, كما يعرف ملامسة الكلمات بالاشتعال المستتر نفسه." كانت إجابته كما هي دوما وكما يقول الكتاب "لبس ابتسامته معطفًا للصمت" تلك الابتسامة التي تغويني في كل مرة يرتديها. "الابتسامة الغائبة, صمته. أو لغته الأخرى التي يبدو وكأنه يواصل بها الحديث إلى نفسه لا إلى الآخرين. ويسخر بها من أشياء يعرفها وحده.” تجعلني دائما وبدافع فضولي أغرقه بالكثير من الأسئلة,, عندما يزداد صمته, عندما يدخل إلى نفسه ويتوحد معها فتأتيني الإجابة التي تدهشني رغم يقيني بها "تحاشَيْ معي الأسئلة. كي لا تجبريني على الكذب. يبدأ الكذب حقاً عندما نكون مرغمين على الجواب. ما عدا هذا, فكل ما سأقوله لك من تلقاء نفسي, هو صادق".. ابتسم بدوري, لا أعرف كيف أحببت رجلا بكل هذا التمسك بالصمت وأنا العاشقة للكلام,, أستعيد رغبتي المجنونة في لقياه وأنا أردد كلمات مستغانمي لأفاجئ بتأففي من تلك التفاصيل الصغيرة, أبقى متأرجحة بين انبهاري بسكوته المفاجئ بين كلمتين, ورغبتني في اقتحام دهاليز نفسه, فيقاطعني "هو رجل اللغة القاطعة" بكلمات تربك امرأة تجلس على أرجوحة "ربما".

لم أتخيل يوما أن يكون (هو) بصورته التي رسمتها في الصفحات الأولى من الرواية عبر القصة القصيرة التي قادتها لدخول قصة حب من فصلين, أحببته يوم أحببته بدون أسباب, كنت حينها قد أبعدت هذيان أحلام حول العشق عن رأسي رغم أن بدايتي معه كان لابد أن تعيدني إليها إذ وجدته كما تقول "على غير الكرسي الذي نتوقعه. تماما, بمحاذاة ما نتوقعه حبا", ومع ذلك كان تجردي من كل ما قيل عن الحب وعن كل ما أعرفه عنه قبل أن تطأ قدمي بلاطه هو هاجسي, فنسيت أحلام, وسواها, ليعيدني رجلي إليها, ممتنة ومندهشة.

فقد جاء كإجابة على سؤال أحلام لنفسها "أتراني وقعت تحت إغراء الكتابة وفتنتها لأصدق أن هذا الرجل هو الذي أملى عليّ موعداً.. كتبته بيدي" يبدو أنها كتبته لكلانا ,, لها على الورق ولي في خضم الحياة المليئة بالمفاجآت.

لقد تمنيت دوما أن يكون هذا الرجل لي. إنه على قياس صمتي ولغتي. وهو مطابق لمزاج حزني وشهوتي. بطريقة لم أكن أدركها حين ذاك, لكن بدأت ملامحها تتجلى على نحو غير مسبوق وأنا بين يديه, وكأنه يعيدني إلي, يسوقني في طريق لا أنكر صعوبته وسط المطر والعواصف لأستكين إلى نفسي حيث الأمان. الذي عرف بقلبه أني سأجده عبر ذلك الطريق, عندما أخفض صوت ضجيج البشر وأتقاسم مع نفسي الوقت, فتنفرد لي المساحة لأمارس رقصتي على دقات قلبه.

4 comments:

إبـراهيم ... said...

عاوز أقول لك تسلم إيدك
.
.
رجعتيني لأجواء تلك الأحلام
امبارح كانت ملكة بتقول لي إنها بقت مخنوقة منها وبتحس إن كلامها معاد،

أنا طوول الوقت بحس بجماله وبراعته وشاعريته
المقابلات اللي إنتي عاملاها بين خيالاتها وواقعك تحفـــة بجد

يسلم إحساسك يا هدى

Unknown said...

"تحاشَيْ معي الأسئلة. كي لا تجبريني على الكذب. يبدأ الكذب حقاً عندما نكون مرغمين على الجواب. ما عدا هذا, فكل ما سأقوله لك من تلقاء نفسي, هو صادق"..

دي مقتبسة نصاً من فيلم هندي المشهد دة كان الراجل و حبيبته راكبين العربية و الجملة دي اتقالت نصاً
:)

توظيفك كويس جدا جدا للحاجات هنا
فعلا توظيف كويس اوي :)

مرحبا بي عندك يا هدى
طريقتك في الكتابة كثيفة و كويسة اوي
و حاسة انك بتكتبي بعقلك مش بقلبك
دة جديد على الكتابة الانثوية
كتابة عقلية تماما :)
برافو اوي
تحية و سلام

هدى said...

ابراهيم

مش عارفة أقولك إيه

علاقتي بأحلام ملتبسة جدا

يمكن زي ما قلت بخصوص رواية فوضى الحواس بالذات , لم تعد مجرد رواية , كلام يمكن أن نصفه بأنه حلو ووحش

تحولت دون أن أنوي إلى خارطة طريق

ليس لمرة واحدة ولكن ,, مرتين

...

تسلم على تعليقك

هدى said...

شيماء

الجملة من رواية أحلام مستغانمي "فوضى الحواس" حد منهم واخدها من التاني أو خلينا نقول توارد خواطر

..

متشكرة على رأيك جدا

إنتي تقريبا أول واحدة تقولي إنك بتكتبي بعقلك قوي

دا رأي أعتز بيه ,, كنت محتاجة أسمعه

..

منورة دايما المدونة