Wednesday, September 30, 2009

باولا!!



إنها رواية للموت تقودني إلى إعادة اكتشاف الحياة, الموت الذي يبدو لوهلة وكأنه الرحلة المقدسة, للجسد المقيد إلى الأرض, رغم أنها تنضح بالحب الذي ظل طيفا ماثلا في صفحات الكتاب "الوطن/ الأسرة/ الآخر"

تتمثل لي مقولة الفتاة هذا الصباح متقاطعة مع نهاية باولا وهي تتحرش بفكرة الموت وكأنها خلاص الروح الحائرة في دروب الظلام, باولا التي عاشت حياتها كما تمنت طبقا لرواية إيزابيل, هي نقيض الفتاة التي تبحث عن الموت ملاذا من أفكار تحاصرها مساء..

ربما كان شبح الموت ذاته الذي حول باولا إلى طفلة بريئة تشبه الملاك دفعت النساء حولها إلى التشبث بثوبها ليناولوا المغفرة على ذنوبهم هو ذاته الذي حول وجه السمراء إلى غيمة كآبة جعلتها تبدو في سن الخمسين,, مثقلا خطوتها التي بدت في سوادها وكأنها تسير في جنازة.

تسرد إيزابيل حياتها المليئة بتفاصيل تبدو غير عادية لتلخط بين الخيال والواقع بين ما تراه وما تشعر به, تدور بنا في أرجاء أمريكا الجنوبية ولا تنسى ان تطير إلى اسبانيا حيث غامرت ذات خيانة مع عازف ناي, وسقطت طفلتها ذات الستة والعشرين ربيعا بين يديها في مرض الغياب.

تحكي عن الروح والحب والجسد و الانقلاب العسكري والمغامرات العاطفية وعن والولادة والموت,, وتنجح في كل مرة في خلق الدهشة عبر السرد المتواصل على طول الرواية بين الماضي المليء بالأحداث والحاضر المفعم بالسكون.

تستثير خوفي من الفراق وهي تطرق على أبواب الوداع عبر تصرفات تبدو هوجاء وغير متمهلة, تودع تشيلي/ زوجها/ ولديها/ حمويها/ والديها ,, وفي كل مرة تبقي الكتابة الحبل السري الواصل بينها وبين الجميع حتى الأرواح التي تستحضرها بعفوية ساحرة صغيرة تفعل ذلك دون أن تدري كيف.

أفكر أنها منحت فرصتها لتعبر للجميع عما في صدرها في أوقات مناسبة تماما قبل أن يقطع الفراق الطريق على الود الموصول,, حتى لو لم تفعل بطريقة مباشرة هاهي تطير أوراقها في أرجاء المعمورة لتخلد قصصها التي أضفت إليها من موهبتها لتبدو على قدر تفردها متطابقة مع ما أشعر به, وأتمنى لو تتاح لي الفرصة دون أن يقف الفقد حائلا رغم أني اشك!!

تحرضني على الكتابة عبر رصدها لكيفية بدايتها معها, فتبدو الرواية عملا يمكن القيام به بمجرد وضع أصابعك على أزرار الكمبيوتر!

وتوقفني كثيرا أمام قدرتها على صنع هذا الكم الهائل من العلاقات الإنسانية دون أن تفقد مهارتها سواء بالنسبة للحب أو الصداقة! لأراها امرأة خارقة.

أشعر أن الصدفة التي جعلت باولا هي العتبة لعالم إيزابيل كانت شديدة الكرم معي, إذ تبدو الصورة من خلالها مزروعة بالأخضر الذي أتمنى التجول بين أركانه كلما قررت أن أستريح قليلا.
ابراهيم عادل سبقني إليها محاولا استكشاف متعة ما يسمونه أدب

Saturday, September 26, 2009

كلمات عنها/عني


ليست المرة الأولى التي أحاول فيها الكتابة عنها,,

حاولت من قبل

لكن شيئا ما ظل ناقصا,, أو ربما زائدا عن الكتابة

إلا أني شعرت أن "اللحظة" هي الأنسب لإعادة النظر إلى اللوحة التي تداخلت ألوانها حتى أصبحت عصية على التجريد,, وغدت الكلمات مجرد محاولات فلسفية لوضع غير المسمى في إطار اللغة.

حيث بإمكاني الرؤية بوضوح ناتج عن مهارة اكتسبتها من فضيلة الوقوف قريبة بما يكفي من محيط الدائرة لأوازن بين كوني فاعل ومفعول به,, تاركة مسافة مناسبة بين الفعل ورد الفعل بهدوء تعلمت حبه!!

حين تعلمت الدرس الذي لم ألق بالا للاستماع إلى مغزاه, وقت أن كان يرتل على مسامعي, لم أتعلم – كما أنا دائما- سوى بالتجربة, فأنا لا أعرف طريقا آخر للمعرفة.

ما بين البداية ووسط الحكاية, تفصيلات عصية على التشبيك في خيط يسهل نظمه في سطور, جلساتنا غير المنتظمة, مكالماتنا الطويلة –افتقدها جدا-, تمشية النيل, أهوااااااك, شمس الصيف, وغيمات الشتاء, والبرد الذي سبب لي الرعشة ذات مطر, الرسائل, الضحكات, الهمسات, والتأخر مساء, والكتابة الكتابة الكتابة.

هل المشترك هو الذي مد في عمر الما بيننا, أم أنها المرة الأولى التي شعرت فيها بالأمان وأنا أسرد على مسمع من شارع الهرم تفاصيل علاقة بدت وقتها كارثية؟

يبدو السؤال ساذجا وغير مناسب, إذ طالما بقي, فلسنا في حاجة لاكتشاف سر بقائه,, كل ما علي أن أفعله هو الإفراط في ثقتي به, خصوصا في لحظة تبدو فيها مسلماتي التي نصبتها تماثيل أدور حولها غير ذات معنى.

و تبقى هي بابتسامتها الرائقة قادرة على الإمساك بأفكاري الشاردة نحو الهناك.. تأخذني بنظرة محملة بالكثير من القلق والأسئلة والمحبة إلى منبع النهر, لأتأكد أنه لم يجف,, فقط أنا من ترغب في عاصفة تزيد من سرعة انسياب مائه,, لتروي عطشي.

Monday, September 14, 2009

نسيان كم


ابتسمت, لا ضحكت بصوت عالي, كنت قد قرأت أخبارا عن الكتاب لكن لم أتوقف عنده كثيرا, لكن مع بداية قراءتي له, على اندهاشي الذي لا يستثيره شيء مؤخرا.

فكرة الكتاب راودتني بطريقة أو بأخرى منذ زمن "كتاب للنساء" وللحق كان عندي فكرة "كتاب رجل" تولى الصديق محمد العدوي تنفيذها.

خصوصا وإني (كنت) مقتنعة أن لدي مخزون حكواتي يؤهلني لكتابة مسودة مثل تلك التي اتمشى فيها يوميا,, عبر نسخة pdf .. (كنت) أرى أن الأمر يلزمه وقفة تصرخ فيها لجميع هؤلاء المعبات بكلمات تعيدهن إلى أنفسهن,, خصوصا وأني مررت بالتجربة حتى نضجت!

هل أتحدث عني أم عن أحلام وكتابها,, هي التي تقول أنها تحولت لعرابة الحب بفضل ثلاثيتها _تلك التي أغوتني وأوقعتني في فخ الكتابة_ وأنها قامت بالفعل بمساعدة صديقاتها في تجاوز القصص العاطفية الفاشلة, ربما لهذا نفذت الفكرة, لم يحدث أن ساعدت إحداهن, أو ربما حدث في زمن كنت لازلت أتسند على قوتي النفسية لأتجاوز بحار النسيان,, هل نسيت؟؟

أعتقد,, كنت قد شفيت تماما يوم أن قال لي " أنه يثق في بذرة إحساس نما بداخله" ربما لهذا واليت بذرته عناية تستحقها لتثمر ,, أوقفت شجرته حائلا دون رؤية واضحة للباقيات في البحر يلاطمن أمواج الماضي والحاضر يرين شمس المستقبل عصية على البزوغ؟!

لا أعتقد, ربما يكون شئيا ما بي قد تغير, أو شيئا في قوانين اللعبة تغير!!

أحلام, تقول أن اللعبة لازالت كما خبرتها, تدلي خلال فصول طويلة – لم أنهيها بعد- بعدة نصائح تبدو أنها خطوات تنفيذية لمساعدة المجروحات (تسهب في وصفهن بأوصاف تورث الشفقة) في العبور إلى ضفة الأمان محذرة أن تستبدل رجلا برجل,, حريصة على التنكيل بصنف الرجال مستثنية منهم (الرجال الرجال) على حد وصفها.

يبدو الكتاب منشورا نسائيا,,ربما استثارني في أجزاء كثيرة خصوصا التي تنطوي على هجوم على الرجل باعتباره المذنب الأول والأخير,, إلا أنه في كثير من أجزاءه يبدو مفيدا جدا.. خصوصا مع أسلوب أحلام الشيق المطعم بمقتطفات من الآداب الأخرى تدليلا على أفكارها التي جعلتها واضحة وبسيطة حتى تنفذ إلى القلب والعقل ربما تتحول ذات قراءة إلى سلوك.
مرفق بالكتاب قصائد مغناة بصوت المغنية جاهدة وهبة .. تنصح بالاستماع إليها خصوصا مع ذكرها لفكرة أن جميع أغاني الحب التي يلجأ إليها المحبون في حالات الانفصال تكون عبارة عن تعذيب للذات (مازوشية) إذ تستثير أتفه الأغنيات الدموع ولهذا تنصح بالموسيقى الخالصة, خلقت الموسيقى للنسيان,, (أصدق ذلك).

هذه ليست نصيحة بقراءة الكتاب,, تعلمت كيف أتوقف عن نصح (البنات),, تركت المهمة لأحلام التي تركت الراوية التي تنسج خيوطها على مدار 3 أعوام لتسدي لكل بنات العرب نصائحها في نسيان الرجال!

Saturday, September 12, 2009

تواصل



مدفوعة بهاجس أن صار الزحام لا أحد, أحاول أن أضع يدي على "الحقيقي" في مقابل "التخيلي", رغم صعوبة المهمة في ظل اللبس الحاصل بين العالمين بفضل تغلغل المعطيات الفضاء التخيلي في يومياتنا, أكاد أصل لصيغة ترضيني.

منذ فترة أشعر بأن شيئا ما ليس على ما يرام بخصوص الوجود الفعلي للبشر من حولي, هناك حالة من الكثافة في التواصل مع الجميع عبر أدوات الاتصال الكتابية –دعونا ننزع عنها صفة الإلكترونية والتخيلية- إذ تبدو العلاقات للوهلة الأولى على الساحة المتسعة والمستمرة في الاتساع وكأنها حائط يغلف يومياتك تستند إلى ظله ويمنع عنك رياح الوحدة.

لكن بعد فترة من التعايش بهذه الطريقة تتضح الصورة, إذ تثمر كثافة الاتصال عبر (الفيس بوك/ المدونات/ الماسنجر) إلى حالة من الزخم الاتصالي الذي يساوي بطريقة خطية أنه لا يوجد إتصال (يقول مافيزولي أن انتشار التواصل يعتبر عرضا لغياب التواصل!) وهو الرأي الذي أصبح حقيقة بالنسبة لي.

يتحول الجميع (الحقيقي منهم والمتخيل) إلى مجرد أسماء على الشاشة, تحمل ردود فعل محصورة في الوجوه الصفراء (smiles) وتعبيرات تحمل كما لا بأس به من التضخيم الذي يتناسب مع فخامة الكتابة, إذ أعتقد أن للكتابة فخامة تجعل كتابة صباح الخير مجردة أمرا غير محبب للنفس فتبدو الجملة الأكثر تعقيدا لإلقاء تحية الصباح أكثر بهاء!

فيما يبدأ الاختفاء التدريجي للمكالمات الهاتفية, واللقاءات الواقعية, ليتحول السؤال من "ما شوفتكيش من مدة" إلى "ما ظهرتيش أونلاين من مدة".

أصبح الوجود في الفضاء التخيلي كافيا بطريقة ما, تبدو بالنسبة لي تضليلية, للاتصال الانساني بيني وبين من حولي!

أفكر أحيانا أن العلاقات الكتابية تحمل عنا وطأة التعبير الصريح عن أنفسنا, إذ من السهل أن تضع وجها مبتسما بفرحة غير مسببة أثناء حديثك مع شخص ما, رغم الدموع التي تحجب عنك رؤية الشاشة!!

تبدو العلاقة بهذه الطريقة أكثر أمانا, أنا هنا في إطاري الذي أتحرك فيه,, استطيع الاختفاء, ويمكنني اختيار الأشخاص الذين أتواصل معهم, المجاملة في العلاقات لا تذكر يكفي أن تضغط ثلاث مرات على الفأرة لترسل باقة ورد إلى من تشاء على الفيس بوك, (قبيل رمضان استقبلت ولأول مرة في حياتي أكثر من 20 فانوسا,, للأسف كانوا مجرد صور ولم تستطع إدخال البهجة في نفسي).

ليس الأمر اعتزال لمعطيات الشبكة السخية في عطاءها لنا, إذ يبدو ما تطرحه أمامنا كخيارات لتجميع وتشبيك البشر, مذهلا لأقصى حد (وإلا لما كنت أدمنت التواصل عبره فترة طويلة نسبيا) لكن ما جعلني أقف لأعيد حساباتي أن يحول التواصل المتخيل عن إقامة علاقة حقيقية.

أن يتوقف تلفوني عن إصدار أصوات, ولا يطرق باب منزلي أحد, ولا يسمح الوقت بأن ألتقي أحد.

على وعي تام أن تلك الحالة لا تبدو حقيقية أو يمكن تعميمها, هنا لا أهدف للتعميم,, أعرف أن معطيات حياتي أخرجت تلك الحالة على هذه الصورة.

وعلى هذا فهذه ليست دعوة مضادة لمواقع التشبيك الاجتماعي أو لوسائل الاتصال الشبكية, هي فقط محاولة لوضع إطار لأفكار تشاغلني منذ فترة, ربما تكون بداية لخطوات عملية نحو أعادة التوازن لحياتي لتصبح أكثر واقعية!

Monday, September 7, 2009

عودة للبدايات


أحاول منذ أيام استعادة البدايات التي لم تنتهي "في الكتابة"...


اعتدت أن اكتب مفتتحا ,, بهيا لحد كبير ,, واتوقف بعدها ,, ولأني من هواة التجميع لأشياء أخشى دوما أن تكون صالحة لشيء ما فيما بعد (وراثة من أمي), فأنا احتفظ بكل الكلمات التي اسطرها ,, واشكر الظروف التي حالت دون أن افقدها خصوصا وانها الكترونية


المهم العودة لبدايات لم تنته مثل المشي فوق أرض عليها أثار يراودك خاطر عدم تلويث ذاكرتها المتجسدة أمامك, ورغبتك الملحة في وضع لساتك لتكتمل.


وبين هذاو وذاك تجرأت (تبدو الجرأة شعار المرحلة), ورجعت إلى مسودة رواية كنت قد بدأتها في الزمن الذي احترفت فيه طرق الأبواب المغلقة, قرأت أجزاء منها لوهلة كدت أجزم أن الأمر لا يستحق التعب عليه ,, فتبقى على حالها جنين مشوه ينقصه الكثير ليبدو طفلا مكتملا , ولكن بعد لحظات ,, فاجاتني الحالة المتسقى على امتداد الصفحات ,, وجدت الكثير من الأفكار التي ربما لو سمعتها أو قراتها لكنت أعجبت بها !!


أرغب بشدة في استكمالها حتى لو لم تكن صالحة للنشر, لكن أصبح عندي هاجس يدفعني إلى إغلاق الأبواب التي أدمنت فتحها بطريقة تجعلني قادرة على التركيز.


جزء مما في المسودة :


"ولم أكن أعلم أن للأبيض لعنة أخرى سربت من بين يدي.. فتاة أحببت براءتها وعنفوانها وزهوها.. لم يبق منها سوى طيف مثبت على جذع الانتظار وثمرته مره.. تصيب من يتذوقها بالعقم.. لتصبح مزارا لمجاريح الهوى محملين بقرابين تقيهم شر نهاية كهذه.

أفكر أحيانا أني أخذت قصتي نحو تلك النهاية عامدة.. دفعت للقدر ليهديني حبا روائيا.. يصلح ليكون كتابا تتداوله الأيدي..
وكأني أردت لها أن تخرج بهذا السيناريو.. موجع.. متصاعد الألم.. عميق الأثر.. يشكل واديا سحقيا في الروح ألقي فيه كل ما أصابني من هزائم .. أزرع على حوافه أشجار الجهنمية ذات الوردات البيض والأشواك الخفية,, وأعلنه منطقة محرمة.

سيناريو تتحمل تفاصيله نتائجي المخزية.. ويظل سببا في انقيادي إلى الفشل بتكرار حسابي مدروس .."

* الصورة Girl Writing by Pierre Bonnard

Saturday, September 5, 2009

أميرة الحودايت


لا أعلم من أخبرها أن السحاب عبارة عن كريمة مخفوقة بطعم الآيس كريم, كما لا تبدو ملامحها الدقيقة أنها من الفتيات الحاملات للبلورات السحرية, كي يجلبوا للعالم أحلاما تغذي خيالاته,, لكني أعرف جيدا من أين تقتنص "حواديتها" المفعمة بالمتخيل والتي تسردها بقلب طفلة تعلمت المشي توا فترغب بشدة في الركض على المساحة الخضراء الممتدة أمامها.

تشي كلماتها بحياة بها الكثير من التفاصيل, غير الجميلة, لكنها تمتلك عينا جميلة ترى النور وتنساق خلفه,, فتترك خطواتها بلورات ليتبعها من يرغب في اقتناص قطعة من السماء.

تجدها تضحك بانتشاء مربك حتى لو كانت تلك مرتك الأولى معها,, وستعرف كيف تخبر الجميع أنها هنا,, بكاريزما تخشى أن تكون هي فقط سر جاذبيتها.

أشعر أنه من الصعب الحديث عن تلك الحالة التي تنتابني بمجرد تفكيري فيها أو مراقبتي إياها وهي تتحدث بسرعة وتضحك بصوت عالي وتجد الفرصة مناسبة دوما لتنطق بكلماتها المقدسة "السحاب / السما/ القطط" وكأنه عالم خاص لا يليق سوى بابتسامتها المشجعة على أن تفتح قلبك,, وتترك النهر ينساب بهدوء إليه.

Wednesday, September 2, 2009

حقيقة اللذة


يقول د. حسام إلهامي : "اللذة" مبدأ يسعى الإنسان إليه على مدار تاريخه؛ حيث يبحث كل البشر دائما عن السعادة، ويحاولون اتقاء الألم والمشقة ولحظات الحزن، والمعروف أن اللذة نوعان: لذة حسية جسمية ترتبط بإرضاء رغبات الجسد، ولذة عقلية يتم إشباعها من خلال المعرفة والتحرر من الخوف والقلق.

وهناك نوع ثالث من اللذة أقر به بعض العلماء والفلاسفة وهو: "اللذة المتوهمة"، أي: توهم الدخول في لحظات زائفة من السعادة والابتعاد عن الألم"

أعرف أن ما يقوله حقيقي لحد بعيد,, لكن خطر لي أن اللذة المتوهمة لن تخلق فقط بناء على رغبة مصدر خارجي في تصديرها ولكن لوجود مكان مناسب لها ربما هو ألمح لرغبة الإنسان في اتقاء الألم.

لكني أفكر في صيغة أخرى قد تنتج معادلة لذة متوهمة تبدو أكثر إيلاما عندما تقترب من تركيبتها,, هي محاولاتنا كل صباح أن نبدو بخير,, نرفع صوت الموسيقى ونتمايل في هدوء على أنغامها,, نتعاطى الحياة في جرعات مكثفة تنحو في أحيان كثيرة نحو الجنون أو الشطط,, تبدو لحظتها جميع الأفكار غير المنطقية أو التقليدية هي المراد والغاية,, نردد بصوت ابتسامات.. ونظل نؤكد ونؤكد أننا "متلذذين" بما نفعل.

نرتكن في نهاية اليوم إلى جراحنا التي نتلهى عنها طيلة اليوم,, نحاول لملمة دماءها المستمرة في النزف.. ونختبئ في النوم,, هربا من وصول الألم لخلايا إدراكنا

صباحا,, نواجه الشمس بابتسامة مشجعة على يوم جديد نتوهم فيه اللذة.

هنا تبدو التفاصيل من على مسافة وكأنها محاولة صادقة لتجاوز الألم,, لكن مع الاقتراب تظهر عيوب الصورة وتنطق بما تحاول الإضاءة العالية مداراته.

"منذ فترة,, أتوهم حالة غير موجودة,, أتشبث بكل جالب لذة,, استطعمها لدقائق,, ثم تغيب بمجرد انتهاء المثير,, أشعر بوجع مرور الأيام وأنا هنا أخسر أكثر مما أكسب,, أحاول الخروج من الدائرة بوهم اللذة المسيطر على عقلي الواعي الرافض لحالة الكمون الفكري والعاطفي التي تلازمني.. أحاول هنا إنهاء الأمر, ليست اللذة والسعادة هي الغاية,, ستأتي اللذة ومن بعدها السعادة صاغرة عندما أستعيد قدرتي على السيطرة على مفردات حياتي وإعادة الأيام لدورة إنتاجية حقيقية"